المرأة اليمنية.. أدوار ملموسة في مواجهة تبعات تحالف العدوان والحصار

منظمة انتصاف – أخبار محلية

 

امتدادا لأدوارها التاريخية والحضارية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لم تقف المرأة اليمنية مكتوفة اليدين تجاه المشاركة في مواجهة تبعات العدوان والحصار على مجتمعها باعتبارها جزء لا يتجزأ من التركيبة السكانية وعملية التنمية التي تظل ناقصة بدون مشاركتها.

تعد المرأة شريكا أساسيا في الصمود الأسطوري للشعب اليمني طيلة السنوات السبع الماضية، وقدمت الكثير من التضحيات في سبيل الدفاع عن الوطن.

كما ساهمت القطاعات النسوية في المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية بدور أكبر في تحصين المجتمع من الحرب الناعمة والأفكار المظللة الذي يروج لها العدوان لاستهداف المجتمع اليمني بعد أن فشل في هزيمة اليمن بقوة السلاح.

للعام السابع على التوالي يحل اليوم العالمي للمرأة ونساء اليمن يكابدن عدوانا وحشيا وحصارا ظالما امتدت آثارهما الخطيرة إلى كل مناحي الحياة الاقتصادية والمعيشية، وجعلت اليمنيين يواجهون أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم، وفقا لتقارير المنظمات الدولية.

لم يميز العدوان والحصار بين صغير وكبير أو بين رجل وامرأة، إلا أن تأثيراتهما كانت أشد على النساء والأطفال، باعتبارهما الحلقة الأضعف في المجتمع والأقل قدرة على تحمل ويلات الحرب والحصار، وسوء الوضع الاقتصادي لآلاف العائلات التي فقدت عائلها، أو تلك التي ظلت تعتمد بشكل أساسي على المرتبات لتوفير احتياجاتها الضرورية.

ساهم العدوان والحصار في عرقلة العديد من الجهود الحكومية الرامية إلى تحسين المؤشرات الصحية والتعليمية والديموغرافية بسبب تضرر البنية التحتية والخدماتية وتوقف المشاريع والأنشطة الإنتاجية وانتشار الفقر والأوبئة، مما انعكس سلبا على المستويات المعيشية للأسر اليمنية وجعلت كل أفرادها يتشاركون مهمة وعناء البحث عن فرص توفر لهم مقومات الحياة الضرورية، كالأدوية والغذاء والمياه.

كما أدى التراجع الاقتصادي الناتج عن العدوان إلى تدمير هيكل سوق العمل في اليمن، وتضرر النساء العاملات جراء ذلك أكثر من الرجال، حيث فقدت نسبة أكبر من النساء وظائفهن، في حين أغلقت غالبية المشاريع المملوكة للنساء، مما دفع الكثير منهن لاحقا للانخراط في أعمال أخرى بسبب فقدان مصدر الدخل الناتج عن الأزمة الاقتصادية، وغيرها من تداعيات العدوان.

تشير إحصائيات وتقارير صدرت في العام 2015، أن الشركات المملوكة للنساء كانت أكثر تضرراً من العدوان مقارنة بالشركات المملوكة للذكور، بالرغم من أن عدد الشركات النسائية المتضررة كانت تمثل 4 بالمائة فقط من إجمالي الشركات قبل العدوان.

ووفقا لدراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فقد أغلقت أكثر من 42 بالمائة من الشركات المملوكة للنساء في قطاعات التجارة والخدمات والصناعة بحلول عام 2015، بسبب الأضرار المادية التي لحقت بها جراء العدوان، إضافة إلى فقدان رأس المال ونقص الكهرباء والوقود.

أجبرت الحرب العدوانية الكثير من اليمنيات على المساهمة في تحمل مسؤولية توفير متطلبات الحياة والحفاظ على استقرار الأسرة وعلى الرغم من صعوبة المهمة، إلا أنهن نجحن إلى حد كبير في حماية أطفالهن من الجوع والتشرد والمرض، من خلال الانخراط في الكثير من الأعمال لمواجهة متطلبات الحياة.

سعت المرأة اليمنية خلال السنوات الماضية بكل جهد لإثبات وجودها في المجتمع، من خلال انخراطها في الكثير من الأعمال الإنتاجية والأنشطة الاجتماعية والتوعوية والإغاثية.

كما تبنت الكثير من النساء مشروعات جديدة ومبتكرة يتم إنجاز غالبيتها في المنازل مثل الحرف اليدوية، والمخابز الخاصة بصناعة المعجنات والخبز والحلويات والملابس والإكسسوارات ومواد العطور والبخور وغيرها من المنتجات التي يتم بيعها للمحال التجارية أو بصورة مباشر في الأحياء والأسواق العامة، وخاصة في العاصمة صنعاء.

بينما تعمل الكثير من النساء المؤهلات علميا، في مؤسسات التعليم الأهلية، ورياض الأطفال والمستشفيات والمراكز الصحية، بينما تلتحق الفئات الأقل تعليما بمعامل الخياطة ومصانع الحلويات والأغذية المختلفة والتي تخصص أقساما خاصة بالنساء.

أما على مستوى الريف اليمني فقد تعزز دور المرأة في أعمال الزراعة والإنتاج والرعي وتربية الثروة الحيوانية التي توفر موردا اقتصاديا هاما لكثير من الأسر اليمنية في القرى والأرياف اليمنية التي تشكل نسبة 73 بالمائة من التركيبة السكانية للبلد وفقا للتعداد السكاني لعام 2004م.

وتشير إحصائيات حكومية سابقة إلى أن عمل المرأة يتركز بصورة رئيسية في قطاع الزراعة وعلى الأخص في الريف حيث تمثل قوة العمل النسائية نسبة 89.6 بالمائة مقابل نسبة 10.4 بالمائة في الحضر.

كما شاركت النساء في توزيع المساعدات الإنسانية وتسهيل الوصول إلى الخدمات وإدارة المشاريع المتعلقة بالنوع الاجتماعي وتعزيز النظافة، فضلاً عن توفير الدعم النفسي والتدريب الموجه نحو سبل العيش والتوعية بشأن الصحة والتعليم.

أخفق صناع القرار خلال العقود الماضية في تبني سياسات واستراتيجيات اقتصادية واجتماعية تساهم في إدماج النساء في مجالات الحياة العامة وتساعد على تمكين المرأة اقتصاديا وتعزيز دورها التنموي، بما يتيح لها المشاركة الفاعلة والنشطة في التعافي الاقتصادي والتنمية الشاملة، ما جعل مشاركة النساء في القوى العاملة باليمن من أدنى المعدلات على مستوى العالم.

ووفقا لمسح القوى العاملة للعام 1999م حازت الإناث على نسبة 23.7 بالمائة من قوة العمل مقابل 76.3 بالمائة للذكور على الرغم من أنهن يمثلن نصف قوة العمل المحتملة، إلا أن الإحصائيات تشير إلى تصاعد ملحوظ لمشاركة الإناث في قوة العمل، إذ ارتفعت من 16.6 بالمائة في التعداد السكاني لعام 1994م إلى 21.8 بالمائة في مسح القوى العاملة لعام 1999م.

ومن أجل التغلب على التحديات التي حالت دون تمكين المرأة اليمنية خلال الفترات الماضية أطلق المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني مطلع العام 2020م رؤية وطنية شاملة لبناء الدولة اليمنية الحديثة شملت الكثير من المحاور والأهداف الاستراتيجية القابلة للتنفيذ على ثلاث مراحل تنتهي في العام 2030م.

تضمنت محاور وأهداف الرؤية رفع نسبة مشاركة المرأة إلى 30 بالمائة من إجمالي قوة العمل، من خلال تشجيع التحاقها بالتعليم، وإطلاق برنامج وطني للتمكين الاقتصادي للمرأة بما يعزز مشاركتها في قوة العمل ومساهمتها في النهوض باقتصاد البلد.

على مر التاريخ ارتبطت المرأة اليمنية بمجالات العمل والإنتاج والتربية والتنشئة الاجتماعية وكانت من أكثر القوى الاجتماعية تأثرا بالتغيرات والتحولات المختلفة في محيطها الاجتماعي، وهو ما يفسر التحاقها اليوم بالكثير من الأعمال المتناسبة مع طبيعتها لتسهم في تطوير الإنتاج وتنمية المجتمع في بلد تترصد المجاعة وسوء التغذية بنحو 80 بالمائة من سكانه نتيجة سنوات العدوان والحصار.

قد يعجبك ايضا