النساء في غزة يلدن في خيام النزوح وسط ركام الحرب ومعاناة الإنسانية في القطاع
منظمة انتصاف – عربي ودولي
بين خيام النزوح ورائحة البارود، تخوض نساء غزة معركة مزدوجة بين مخاض الولادة ومخاض البقاء على قيد الحياة، في مشهد يلخص المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ عامين.
لم تكن المواطنة أرزاق الباهي (21 عامًا) تتخيل أن يرى طفلها الأول “رائد” النور داخل خيمة مهترئة في منطقة المواصي غرب خان يونس، بعد أن فقدت منزلها في حي الصبرة ودُمرت كل أحلامها في حياة آمنة.
تقول الباهي بصوتٍ متهدّج لوكالة أنباء ” وفا” الفلسطينية اليوم الاثنين: “رأيت الموت بأم عيني، جاءني المخاض في منتصف الليل، ولم أستطع الوصول إلى المستشفى بسبب القصف، فاضطر زوجي للاستعانة بطبيب من الجيران ساعدني في الولادة داخل الخيمة، دون أي أدوات طبية أو تعقيم.”
وتتابع: “كان الرمل يملأ ملابسي وملابس طفلي، ولم نتمكن من تنظيفه أو قطع حبله السري حتى الصباح.”
قصة أرزاق ليست استثناءً، فالمأساة تتكرر في كل خيمة.
آلاء مسعود (18 عامًا) فقدت مولودها بعد ولادة شاقة على قارعة الطريق أثناء نزوحها من شمال القطاع إلى دير البلح.
يروي زوجها محمد سعيد: “اشتد القصف فجاءها المخاض، حاولت امرأة من خيمة قريبة مساعدتها، وبعد ساعة وُلد الطفل ميتًا. عندما علمت زوجتي بخبر وفاته أُغمي عليها من الصدمة.”
وتشير تقارير وزارة الصحة في غزة إلى أن أكثر من 20 ألف طفل وُلدوا منذ أكتوبر 2023 في ظروف قاسية، معظمهم داخل مراكز الإيواء، مع خروج غالبية المستشفيات عن الخدمة ونقص حاد في الكوادر والمعدات.
أما الأمم المتحدة فتوثّق مشاهد صادمة لنساء يُجرى لهن عمليات قيصرية دون تخدير كافٍ، وأمهات يُجبرن على مغادرة المستشفيات بعد ساعات فقط من الولادة، في ظل نقص حليب الأطفال والمستلزمات الأساسية.
بين خيمةٍ وأخرى، تصرخ نساء غزة ألماً وأملاً، يلدن أطفالاً يعرفون منذ اللحظة الأولى أن الحياة في غزة تبدأ بالمعاناة، وأنّ صرخة الميلاد هنا هي في الأصل صرخة بقاء.