معاناة الطفلة حبيبة معلقة بين الإعاقة والحرب في نزوح لا ينتهي بغزة

منظمة انتصاف – عربي ودولي

لم تكن الطفلة حبيبة ناصر (11 عامًا) من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة تدرك أن إعاقتها الحركية التي وُلدت بها ستكون أهون عليها من الحرب التي انتزعت منها حقها في العلاج والتعليم والأمان دفعة واحدة.
وُلدت حبيبة مصابة بالشلل الدماغي التصلّبي نتيجة نقص الأكسجين عند الولادة، ما أثر في قدرتها على الحركة، خصوصًا في قدميها، رغم تمتعها بقدرات عقلية وتعليمية طبيعية وتفوقها الدراسي.
وذكر موقع ” فلسطين أون لاين” أن حياة حبيبه قبل الحرب، كانت تسير بإرادة صلبة؛ تعتمد على “واكر” داخل المنزل، وعلى الكرسي المتحرك في الخارج، وتنتظم في العلاج الطبيعي، وتحصل على أدويتها، وتتابع دراستها في مدارس وكالة الغوث، محققة معدلات بين 80 و90%، وسط إشادات معلماتها بأدائها المميز.
لكن كل ذلك تغيّر في اليوم الثاني للحرب في 8 أكتوبر 2023، حين أُجبرت عائلتها على النزوح هربًا من القصف، لتبدأ رحلة معاناة طويلة فقدت خلالها منزلها وكرسيها المتحرك الذي اضطرت لتركه أثناء التنقلات المتكررة. سبعة أشهر كاملة أمضتها حبيبة بلا كرسي، محمولة على أكتاف والدها وأقاربها، وسط انعدام كامل للمستلزمات الطبية بسبب الحصار وإغلاق المعابر.
تنقّلت العائلة بين رفح وخانيونس، قبل أن تحصل حبيبة على كرسي متحرك بجهود فردية لا عبر المؤسسات. وبعد الهدنة، عادت العائلة إلى بيت حانون لتعيش في خيمة، ثم نزحت مجددًا إلى غزة، واستقرت أخيرًا في خيمة بدير البلح، بعد أكثر من عشر محطات نزوح.
وفوق النزوح والحصار، انقطع تعليم حبيبة كليًا؛ فلا مدرسة، ولا مبادرات تعليمية، ولا أدوات اتصال، ما جعلها تفقد عامًا كاملًا من دراستها رغم تفوقها السابق. كما توقفت جلسات العلاج الطبيعي، ونفدت العديد من أدويتها الأساسية، وسط تحذيرات متواصلة من وزارة الصحة والمؤسسات الدولية من نقص خطير في الأدوية والمستلزمات، خصوصًا للأطفال ذوي الإعاقة.
تعيش حبيبة اليوم في خيمة ضيقة تغمرها مياه الأمطار وتنتشر فيها القوارض، في بيئة تصفها والدتها بأنها “لا تحتملها نفسية إنسان سليم”، فكيف بطفلة تعاني شللًا دماغيًا؟ ومع ذلك، ما تزال حبيبة تحلم بالعودة إلى مقعد الدراسة، والحصول على كرسي متحرك جديد يخفف معاناتها، واستعادة جزء من العلاج الذي حرمته الحرب عنها.
قصة حبيبة ليست استثناءً، بل نموذجًا موجعًا لطفولة فلسطينية تُعاقَب مرتين؛ مرة بالإعاقة، ومرة بالحرب، في ظل صمت ونقص حاد يهدد مستقبل مئات الأطفال وحقهم الأساسي في حياة كريمة.

قد يعجبك ايضا