شيرين أبو عاقلة واحدة من ملايين الضحايا الفلسطينيين ومئات الصحفيين الذين تعرضوا للقتل والتهجير والانتهاكات منذ بداية القرن الماضي.
منظمة انتصاف – تقرير
ليست الجريمة الوحيدة التي ارتكبها العدو الصهيوني المارق بقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة ، بل هي فلسطينية واحدة من ملايين الفلسطينيين الذين تعرضوا للقتل والتهجير والسجون والمعتقلات والانتهاكات التي مارسها هذا الكيان الإجرامي اللقيط منذ اجتاحت العصابات الصهيونية أرض فلسطين في بداية القرن الماضي.
وشيرين أبو عاقلة ليست أول صحفية يقتلها هذا العدو اليهودي اللقيط الذي ينسلخ من كل القيم والأخلاقيات ويمارس كل المحرمات ككيان إرهابي بقاؤه خطر على المنطقة برمتها ، فالاغتيال والإصابة والاعتقال والتشريد والتعذيب والتدمير للصحفيين والإعلاميين أسلحة يوظفها هذا العدو الصهيوني للتغطية على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
تعرضت شيرين أبو عاقلة، الصحفية الفلسطينية، للاغتيال بدم بارد برصاصة أطلقها قناص يهودي أصابتها في الوجه مباشرة، بينما كانت تستعد مع مجموعة من المراسلين والإعلاميين لتغطية قيام عصابات العدو الصهيوني باقتحام مخيم جنين في الضفة الغربية، كما أظهرت مقاطع الفيديو التي صورت عملية الاغتيال.
وعلى الفور انطلقت الدعاية الصهيونية ومعها إعلام المطبعين الخونة لمحاولة طمس معالم الجريمة، من خلال الزعم بأن مقتل مراسلة الجزيرة جاء نتيجة «تبادل لإطلاق النار» مع «مطلوبين أمنيين»، وهو الوصف الذي يستخدمه هذا الكيان اللقيط والمارق للإشارة إلى الشباب الفلسطيني، لكن لقطات الفيديو أظهرت مجموعة المراسلين، ومن بينهم أبو عاقلة، يرتدون الخوذ والسترات الواقية التي تحمل كلمة “صحافة/ “Press المميزة، ولا يوجد غيرهم في المشهد، وفجأة تعرضوا لإطلاق الرصاص لتصاب شيرين أبو عاقلة بطلقة مباشرة في الوجه وتسقط أرضاً، فيما يبدو كعملية «إعدام» مرتبة، بحسب شهود العيان.
استهداف أبو عاقلة وقتلها من قبل عصابات اليهود لم تكن عملية عشوائية بل عملية متعمد موجهة نحو الصحفيين بشكل عام، الهدف هو محاولة الصهاينة إخفاء جرائمهم بحق الشعب الفلسطينيين، علاوة على أن اغتيال أبو عاقلة هي عملية ممنهجة موجهة لكل الصحفيين والإعلاميين الأحرار الذين يتصدون لجرائم العدو الصهيوني الإرهابية.
شيرين أبو عاقلة من مواليد مدينة بيت لحم في القدس عام 1971، عملت مراسلة في إذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو ولاحقاً انتقلت للعمل في عام 1997 مع قناة الجزيرة الفضائية حتى استشهادها برصاص عصابات العدو الصهيوني، وهي من الجيل الأول لمراسلي الجزيرة فقد التحقت بها بعد عام فقط من إطلاقها.
طيلة سنوات كانت أبو عاقلة في قلب الخطر لتغطية حروب وهجمات واعتداءات عصابات العدو الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وبينما كانت عصابات العدو الصهيوني تستعد لاقتحام مخيم جنين أمس الأربعاء 11 مايو أقدم الصهاينة على قتلها برصاصة مباشرة أصابتها في وجهها، وأصيب مراسل القدس علي السمودي برصاصة في ظهره، لتضاف هذه الجريمة إلى قائمة طويلة من جرائم استهداف الصحفيين الفلسطينيين من جانب كيان العدو الصهيوني وعصاباته.
وقبل عام واحد، أي يوم 11 مايو 2021، أصدر معهد الصحافة الدولي تقريراً أدان فيه «استهداف العدو الإسرائيلي للصحفيين» الذين يقومون بتغطية الأحداث في حي الشيخ جراح وسلوان والمسجد الأقصى وباب العامود وباقي مناطق القدس الشرقية المحتلة ، وتعرض أكثر من 20 صحفياً لإصابات متعددة في تلك الفترة.
وشهدت الحرب المسعورة التي أطلقها العدو الصهيوني على غزة العام الماضي في معركة سيف القدس استهداف صهيوني مباشر ومتعمد ومكثف لمكاتب المؤسسات الإعلامية الدولية المتواجدة في أبراج سكنية معلومة للجميع، وهي الجريمة التي نددت بها جميع المؤسسات الإعلامية الدولية، لكنها أيضاً مرت مرور الكرام حتى الآن.
كانت الطائرات الإسرائيلية قد قصفت ودمرت بالكامل برج الجلاء وهو برج سكني يتألف من 12 طابقاً في مدينة غزة ويضم مكتب وكالة أسوشيتد برس(Associated Press) الأمريكية ومكاتب قناة الجزيرة فضلاً عن مكاتب وشقق سكنية أخرى، وكان ذلك يوم 15 مايو 2021، بعد يوم واحد من تغطية هدم الصهاينة منزلاً فلسطينياً في غزة وقتل أسرة بأكملها، وهو الخبر الذي تصدر وسائل الإعلام العالمية في ذلك الوقت.
وأظهرت ردود الأفعال الدولية على استهداف العدو الصهيوني لبرج الجلاء، أن الهدف المباشر لذلك العدوان هو منع تغطية ما يقوم به الكيان المارق في القطاع المحاصر، بعد أن بات واضحاً أن الصهاينة يخسرون تخسر التعاطف الدولي معها لصالح الفلسطينيين. ووصف الرئيس التنفيذي لوكالة أسوشيتد برس، غاري برويت، تدمير إسرائيل لبرج الجلاء بأنه «تطور مزعج بشكل لا يصدق»، وقال إن 12 صحفياً ومتعاقداً من العاملين بالوكالة كانوا بالمبنى وتم إجلاؤهم في الوقت المناسب.
وقال نادي الصحافة الوطني، ومقره واشنطن، إن تدمير البرج في غزة جاء في أعقاب «قصف طائرات حربية إسرائيلية لمبنيين آخرين يضمان أكثر من 12 وسيلة إعلام» يومي 11 و12 مايو، وأضاف في بيان «هذا الاتجاه يثير التساؤل عما إذا كانت القوات الإسرائيلية تهاجم هذه المنشآت لتعطيل التغطية المستقلة والدقيقة للصراع».
بحسب تقرير للاتحاد الدولي للصحفيين أصدره يوم 5 يوليو 2021، قتل العدو الإسرائيلي 46 صحفياً وإعلامياً منذ عام 2000 وحتى عام 2021، فيما وصفه بيان الاتحاد بأنه «استهداف ممنهج ومنظم» من جانب قوات العدو الإسرائيلي هدفه التغطية على ما ترتكبه تلك القوات من جرائم بحق الفلسطينيين. وخلال حرب غزة فقط، التي استمرت 11 يوماً العام الماضي، قتل العدو الإسرائيلي 16 صحفياً.
وكان الصحفي الفلسطيني ياسر مرتجى واحداً من هؤلاء الضحايا، حيث أصابته رصاصات اليهود الصهاينة القاتلة وهو يقوم بعمله على حدود قطاع غزة عام 2018، ونعت نقابة الصحفيين الفلسطينيين مرتجى، 31 عاماً، الذي كان يعمل صحفياً في وكالة «عين ميديا» في غزة.
وأظهرت الصور وقتها مرتجى جريحاً محمولاً على نقالة ومرتدياً سترة واقية زرقاء اللون عليها كلمة صحافة مكتوبة بحروف كبيرة. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في وزارة الصحة قولهم إن رصاصة حية اخترقت جانباً من بطنه، وقد توفي في المستشفى لاحقاً جراء إصابته، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.
ومنهم أحمد أبو حسين ومعاذ العمارنة ونضال أشتيه وياسر مرتجى وعلى السمودي وغيرهم كثيرون كانوا أهدافاً لرصاص القناصة الإسرائيليين، فمنهم من فقد حياته ومنهم من فقد عيناً أو ساقاً، وآخر القائمة شيرين أبو عاقلة التي فقدت حياتها، دون أن تتم محاكمة أو إدانة أي من مرتكبي تلك الجرائم، التي غالباً ما يتم تصويرها بشكل كامل.
جينيفر روبنسون، المستشارة القانونية للاتحاد الدولي للصحفيين (منظمة دولية مقرها واشنطن)، وجهت العام الماضي نداء إلى المحققة الأممية الخاصة إيرين خان، طالبت فيه بالتحرك ضد العدو الصهيوني حتى يتوقف عن استهداف الصحفيين بتلك الصورة المنظمة، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وها هو الكيان الإسرائيلي يرتكب جريمة جديدة ويغتال شيرين أبو عاقلة «بدم بارد».
بيان شبكة الجزيرة قال إن الإسرائيليين استهدفوا مراسلتها «بشكل مباشر»، ونقلت عن شهود عيان قولهم إن «قناصاً استهدف شيرين برصاصة في الوجه، رغم أنها كانت ترتدي سترة وخوذة تحملان شعار الصحافة».
ووصفت الشبكة في بيان رسمي ما حدث بأنه «جريمة اغتيال متعمدة ومفجعة وبشعة»، وقال البيان إن «الجريمة تخرق القوانين والأعراف الدولية. «يراد من خلال الجريمة منع الإعلام من أداء رسالته».
كما أن الاعتقال بغرض الترهيب يمثل سلاحاً يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين أيضاً، وربما كان ما تعرضت له مراسلة الجزيرة جيفارا البديري، وهي أيضاً فلسطينية، من اعتداء بالضرب واعتقال أمام عدسات المصورين وزميلاتها وزملاؤها من المراسلين والمصورين، من أوضح الأمثلة على توظيف الاحتلال لسلاح الاعتقال والتهديد بالتنكيل لإرهاب الصحفيين ومنعهم من أداء عملهم.