مأساة ألطفولة في غزة: خرجوا ليسكتوا جوعهم فعادوا أشلاءً ببطونٍ خاوية
منظمة انتصاف – عربي ودولي
في مشهد يلخص مأساة الطفولة، في قطاع غزة المحاصر، خرج أربعة أطفال من أسرة واحدة، من منزلهم في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بحثًا عن طعام يسد رمقهم، لكنهم لم يعودوا جراء جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الاسرائيلي على مدار الساعة هناك على مرأى ومسمع من العالم.
عاد “عمر” و”أمير” أشلاءً، ولحقت بهما ابنة عمهما “سما”، فيما الطفل الرابع “سراج” يصارع الموت في أحد مستشفيات غزة، التي أنهكها الحصار والعدوان.
تروي والدة الطفل إيمان النوري، لـ”وكالة الأناضول” كيف كان “سراج” الذي لم يتجاوز العامين والنصف من عمره، يبكي بحرقة طالبًا ما يشبه الحلوى – مكمل غذائي توزعه إحدى المؤسسات الإغاثية – فما كان منها إلا أن سمحت له بالخروج مع شقيقيه وابنة عمه إلى نقطة طبية قريبة.
لم تمر دقائق على مغادرتهم، حتى دوى انفجار عنيف، استهدف مباشرة التجمع المدني أمام المركز الطبي، لتتناثر الأجساد – التي أنهكها الجوع والعطش – في المكان.
استُشهد الطفلان “عمر” و”أمير” على الفور، بينما نُقل “سراج” بجروح بالغة إلى قسم العناية المركزة، أما ابنة عمهم “سما” ففقدت حياتها، في لحظة تتكرر كثيراً في حياة سكان غزة، الذين يفتك بهم الموت بكل صوره، وآخرها الاستشهاد جوعاً.
تقول الأم بحرقة: “كان الولد يبكي من الجوع.. خرجوا علّهم يحصلوا على مكملٍ غذائي، لكنهم عادوا شهداء”.
وتضيف الأم المكلومة، أن أبناءها كانوا يجلسون على الرصيف بجانب النقطة الطبية، حين استهدفهم العدو الإسرائيلي بلا تردد، رغم أن ملابسهم الطفولية وأجسادهم الصغيرة المنهكة، وصورهم البريئة، لا تترك مجالًا للشك في هويتهم، وحقيقة أنهم مجرد أطفال.
بسبب الحال التي وصل إليها القطاع الطبي في غزة، تغيب سيارات الإسعاف، بسبب نفاد الوقود، والاستهداف المباشر من قبل مقاتلات ومسيرات العدو، ليحل محلها عربات تجرها الحمير، نقلت إحداها أشلاء الأطفال الأربعة إلى مستشفى شهداء الأقصى.
تحولت مستشفيات غزة الى ما يشبه “غرف انتظار الموتى” بسبب الظروف التي وصلت المنظومة الصحية في غزة، نتيجة جرائم الإبادة التي ينشر العدو الإسرائيلي بها الموت في كل زوايا القطاع المنهار كليّاً.
والد الطفل “سراج”، حاتم النوري، لم يتمالك دموعه، وهو يقبّل قدم نجله في سريره، قائلًا: “خرجوا من أجل أن يعطوه شيء طعمه حلو.. فعادوا كلهم شهداء”.
قصة عائلة النوري ليست سوى واحدة من آلاف القصص التي توثق فظاعة جرائم الإبادة النازية التي يشنها العدو الإسرائيلي على غزة، والتي حوّلت لقمة العيش إلى مغامرة قاتلة، حتى بالنسبة للأطفال، الذين حولهم مجرمو الحرب الصهاينة، أهدافا مباشرة لنيرانهم التي لا تميز شيئا يتحرك على ظهر القطاع حتى لو كان طفلاً.
ويتعرض قطاع غزة لجرائم إبادة جماعية يرتكبها العدو الإسرائيلي – بشراكة أمريكية غربية وصمت دولي وإقليمي وعربي مريب – مخلفةً حتى الآن 59,733 شهيدًا و144,477 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.