جريمة ضد الإنسانية يرتكبها تحالف العدوان بحق أكثر من مليون مواطن
منظمة انتصاف – تقرير
حكومة صنعاء التزمت باتفاق السويد ووردت عائدات السفن إلى بنك الحديدة لكن المبلغ لا يشكل سوى 15 % من مبلغ الرواتب
قطعُ مرتبات أكثر من مليون موظف حكومي لم يكن قراراً عابراً وغير مقصود من حكومة المرتزقة، بل كان يمثل جريمة متعمدة سبقها تخطيط وتدبير، وبتواطؤ دولي وأممي وهدف مرسوم واستراتيجيّ حاول التحالف عبر ما تسمى الشرعية المزعومة تحقيقَه للسير ضمن مشاريع الاستعمار الكبيرة التي تركع أبناء الشعب اليمني فرض حصار اقتصادي شامل وإغلاق المنافذ الجوية والبحرية والبرية وتجفيف منابع الإيرادات الرئيسية من النفط والغاز والضرائب والجمارك والتي كانت تمثل أكثر من 90 % من إيرادات الدولة، ما انعكس سلباً على الوضع المعيشي وارتفاع قيمة السلع والخدمات وأسعار المشتقات النفطية وغيرها، ومن ضمن الأهداف أيضا خلق غضب شعبي تجاه القوى الوطنية الفاعلة في مواجهة العدوان، واستثمار ذلك في زعزعة الصمود وتفكيك الجبهة الداخلية..
نقل البنك المركزي
خلال التسعة شهور الأولى من عمر العدوان عام 2015م، استطاعت اللجنةُ الثورية العليا وبجهود مختلف المُؤسّسات محاصَرةَ تداعيات استيلاء العدوان على أهمّ مصادر موارد الإيرادات العامة وفرضه الحصار، فلم ينل من مرتبات موظفي الدولة، ونجحت «اللجنة الثورية العليا» في الاستمرار بصرف مرتبات موظفي الدولة، خُصُــوْصاً مع حرصها على تحييد البنك المركزي اليمني عن مجمل الصراع وتوفير المناخ الملائم لمواصلة دوره بمهنية عالية ووفق شهادة مُؤسّسات دولية، حتى شهر سبتمبر من العام 2016، حيث تم نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى العاصمة عدن، بقرار من الفار عبدربه هادي، ومع نهاية العام 2017م قررت حكومة المرتزقة صرف مرتبات الموظفين في المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرتها فقط، رغم أنها كانت قد أطلقت تعهدات للمجتمع الدولي بصرف المرتبات لجميع المحافظات، وبهذا التنصل انقطع صرف رواتب أكثر من مليون موظف حكومي.
اعتراف دولي
وقتها لم يعترف صندوق النقد الدولي صراحة بقرار نقل البنك المركزي إلى عدن، إلا انه اعترف بذلك ضمنيا بلقاء مديرة عام الصندوق بالخائن عبدربه منصور بعد يومين من إصداره هذا القرار، مع أن الصندوق يعلم تبعات ذلك القرار ولا يستطيع أن ينكر معرفته بخطورته، كما لا يستطيع أن ينكر أن البنك المركزي اليمني وخلال فترة عمله بصنعاء قد ادير بمهنية عالية واستقلالية تامة حيث عمل وفق قانون إنشائه، كما عمل وفق أعلى المعايير في مجال مكافحة غسل الاموال ومكافحة تمويل الإرهاب، واستمر البنك في صرف المرتبات لجميع موظفي الدولة في جميع المحافظات بلا استثناء، حتى مرتب الخائن هادي الذي كان ينقل شهرياً من صنعاء إلى عدن وسيئون دون انقطاع.
عائدات الدولة
عندما بدأ الحصار الاقتصادي كان الهدف منه تجفيف منابع الإيرادات المتمثلة بالنفط والغاز والإيرادات الجمركية والضريبية والتي تمثل أكثر من 90 % من الإيرادات، وبالفعل سيطر المرتزقة على الموارد السيادية للجمهورية اليمنية ، وباعتبار أن الوفاء باستحقاقات صرف مرتبات موظفي الدولة يتطلب تسخير الإيرادات الرئيسية الحقيقية للموازنة العامة وعلى رأسها النفط والغاز ، هذه الإيرادات التي ينهبها تحالف العدوان بشكل كامل منذ سنوات، حيث أن مبيعات النفط الخام في الوقت الراهن تقدر بـ 300 مليون دولار شهريا وبالتالي هذه العائدات تغطي فاتورة المرتبات ليس لهذا العام بل لثلاثة أعوام قادمة بحسب تصريح وزير المالية العامة في حكومة الإنقاذ الوطني الدكتور رشيد أبو لحوم ، والإيرادات التي تنهبها حكومة المرتزقة لا تقتصر على النفط والغاز فحسب بل هناك أيضاً عائدات الموانئ والمنافذ والعائدات الضريبية والجمركية وغيرها من العائدات.
معاناة المدنيين
فيما كان الامل يحدو أكثر من 1.2 مليون موظف بأن ثمة انفراجة قريبة تعيد صرف رواتبهم التي تقع مسؤولية صرفها على الطرف الموالي للتحالف، بحكم أنه المتسبب في انقطاعها والمتعهد أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة بمواصلة صرفها منذ قرار نقل عمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، جاء موقف السلطة الموالية للتحالف في هذا الخصوص مخيبا لكل اﻵمال، حيث جددت هذه السلطة في عدن تنصلها عن دفع رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، المنقطعة رواتبهم منذ سبتمبر من عام 2016م، ما يضاعف من معاناة الموظفين الذين لا ذنب لهم وليسوا طرفاً في الحرب بل إن تحالف العدوان اعتبر 80 % من الشعب اليمني أعداء له ويجب قتلهم عبر الحصار والتجويع، فالمرتب حق دستوري للموظف لا ينبغي استخدامه كسلاح للتجويع أو جزرة لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة، وعلى الرغم من الآثار الكارثية لقطع المرتبات عن الموظفين يبدو أن حكومة المرتزقة لا تدرك حجم الجريمة التي تقترفها بحق الملايين، فقطع المرتب يعني حرمانك من الحصول على الغذاء والدواء والسكن وهي جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني.
اتفاق السويد
حسب تفاهمات ستوكهولم فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي وتنفيذا لمبادرة المجلس السياسي الأعلى بهذا الشأن، التزمت صنعاء بفتح حساب خاص بفرع البنك المركزي في الحديدة تحت مسمى «الحساب الخاص بمبادرة المرتبات» تورد إليه إيرادات الموانئ الثلاثة (الحديدة- الصليف – رأس عيس) ، ومنذ أكثر من عام تم تخصيص إيرادات السفن في الحديدة لحساب الراتب على أن تغطي قوى العدوان ومرتزقته العجز والفجوة في مبلغ الراتب من إيرادات النفط والغاز خصوصا أن عائدات الموانئ الشهرية لا تشكل سوى 10 إلى 15 % من مبلغ الرواتب البالغة 75 مليار ريال، وفقا لكشوفات 2014م، بينما يتركز الجزء الأكبر من إيرادات البلد النفطية والغازية وغيرها في المحافظات الخاضعة لسيطرة تحالف العدوان وحكومة المرتزقة، وبالفعل قامت وزارة المالية باستخدام هذه المبالغ للمساهمة في صرف نصف راتب لموظفي الدولة بشكل متقطع على مدار العام، حيث أن إيرادات موانئ الحديدة خلال الشهر لا تتجاوز 6 مليارات ريال في الظروف العادية مع دخول كافة السفن، في مقابل الاحتياج لنحو سبعين مليار ريال شهرياً لصرف رواتب جميع الموظفين، فكم ستكون عائدات دخول 18 سفينة فقط؟!