أكثر من 3500 وفاة واضعاف مضاعفة من الجرحى لكارثة الزلزال في “سوريا وتركيا”
منظمة انتصاف – عربي وعربي
ثلاثة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب كلاً من سوريا وتركيا، ومازالت الاوجاع تتعاظم مع كل لحظة تمر دون القدرة على انقاذ العالقين تحت أنقاض البنايات وعلاج المصابين.
نعم هذا هو الحال في مناطق جنوب تركيا وشمال سوريا، ولكن ما لا يمكن فهمه هو ذلك التخاذل والتغافل من قبل العالم أو على الأقل ضعف التفاعل الإنساني وعدم مواكبته للدمار الهائل الذي أحدثه الزلزال وما رافقه من أوجاع يعيشها الضحايا ولا سيما في سوريا.
أعداد الضحايا في تزايد كبير في مختلف مناطق سوريا، وما زاد من حجم الكارثة ترافقه مع ظروف الطقس السيء ودرجات الحرارة التي تصل في بعض المناطق إلى حد التجمد وهو ما يعيق مختلف الجهود في إنقاذ مزيد من المدنيين العالقين تحت الانقاض.
أكثر من 3500 وفاة واضعاف مضاعفة من الجرحى جراء الزلزال في عموم سوريا ومازالت الأعداد مرشحة للزيادة مع تأخر جهود الإنقاذ نتيجة ضعف الإمكانيات اللوجستية في سوريا إذا ما تم مقارنتها بالإمكانيات الذاتية في تركيا.
سباق مع الزمن يعيشه المتضررين في سوريا (بسبب الحصار المفروض منذ سنوات) وتتضاعف الآلام مع استمرار عرقلة جهود الإغاثة الدولية تحت مبرر العقوبات الغربية على الحكومة السورية، ولكن حالة التمييز في جهود الإغاثة ما بين سوريا وتركيا لم يعد بالإمكان السكوت عنها، لا سيما وأن أضرار الزلزال المدمر لم يفرق بين أرض سورية وأخرى تركية، ولكن الكيل بمكيالين في السابق وفي مختلف القضايا العربية و الإسلامية لم يتغير من قبل الغرب دولاً ومنظمات.
كارثة الزلزال “الغير مسبوقة” في سوريا لم تستطيع حتى الان تغيير المواقف السياسية “المسبقة” لدى الولايات المتحدة ومن لف لفها من حلفائها في الشرق والغرب، والمتابع للجهود الاغاثية في عموم سوريا (مناطق الحكومة أو الجماعات المسلحة أو الأكراد) يلاحظ أنها جهود ذاتية إلى حد كبير، وهو ما يشير أن العالم لم يفرق بين أوجاع السوريين في مختلف مناطق البلد.
يرى العديد من المراقبين أن حالة الإحجام عن دعم جهود الإغاثة في سوريا، مرده ما يسمى بـ “قانون قيصر” الذي أُقرّ من قبل الكونجرس الأمريكي في ديسمبر 2019 ودخل حيز التنفيذ في يونيو 2020 والساعي إلى تعزيز مسار التدخل الأمريكي في الأزمة السورية من خلال الأدوات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع بعض الاستثناءات العسكرية. خلال 5 سنوات من تاريخ بدء التنفيذ.
ومن الواضح أن تفاصيل “قانون قيصر” الأمريكي سوف تعيق إلى حد كبير مختلف جهود الإغاثة الدولية المطلوبة، لا سيما وأن القانون ببنوده المختلفة يذهب إلى فرض العقوبات الاقتصادية والمالية والمصرفية على كل المشاركين “أفراد وكيانات ودول ” في عملية إعادة إعمار سوريا، وهو ما يعني عرقلة الولايات المتحدة لكل جهود الإغاثة في الحاضر والمستقبل في حال بقاء سريان القانون.
تخبط الموقف الأمريكي خلال السنوات الماضية تجاه سوريا يتأكد اليوم مع غياب أي تحركات على أرض الواقع من أجل تسريع جهود الاغاثة الميدانية بعد مرور ثلاثة أيام على كارثة الزلزال المدمر في سوريا، فيما الدعم الأمريكي للجهود الإغاثية في تركيا كان واضحاً وجلياً من خلال الكثير من التصريحات لكبار المسؤولين في واشنطن ولكن تصريحات “نيد برايس” المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية كانت الأكثر وضوحاً بقوله “أننا سنقدم إلى تركيا كل ما تحتاج إليه وليس عليهم سوى رفع سماعة الهاتف وإبلاغنا بما يحتاجون إليه”.
وفي المجمل يكفي التأكيد أن استمرار حالة العداء الأمريكي تجاه سوريا خلال هذه الكارثة الإنسانية الكبيرة يشير بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا السلوك المستهجن من قبل واشنطن وحلفائها يُدلل على إفلاسها الأخلاقي والسياسي، وأن الإصرار على معاقبة الشعب السوري مع هذه الكارثة يُعد أسلوب ابتزاز رخيص لا يمكن أن يحقق لها مكاسب سياسية أو اقتصادية في المستقبل.
ختاماً، الخارجية السورية ناشدت الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني، لمد يد العون ودعم الجهود في مواجهة كارثة الزلزال المدمر، وكانت الاستجابة من عدد قليل من الدول (الجزائر وسلطنة عمان ومصر والأردن والعراق ولبنان وروسيا وإيران) بالمقابل ذهب العالم إلى تركيا للمساهمة في جهود الإنقاذ، بعد أن وصل 21 ألف منقذ إلى تركيا من أكثر من 60 دولة!