تحالف العدوان سبباً في تشوه الأجنة وإسقاط الأمهات
منظمة انتصاف – تقرير
ارتفعت نسبة التشوهات الخلقية المسجلة رسمياً الى 8 بالمائة خلال سنوات العدوان حسب إحصائيات وزارة الصحة، جراء استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وهي من الجرائم المنسية والمغيبة عن الرأي العام العالمي.
وتقول المنظمات الدولية أن سبب ارتفاع أعداد الأجنة المشوهة يعود الى القنابل والصواريخ والذخائر المحرمة المستخدمة في العدوان على اليمن، ومنها القنابل الفوسفورية والعنقودية، وأكثرها بشاعة “النيترونية” التي استهدفت فج عطان في 20 أبريل 2015، ولا زالت آثارها ماثلة للعيان الى اليوم في التربة والهواء ومواليد سكان تلك المنطقة المنكوبة، كما استخدم العدوان أنواع عديدة من الأسلحة والذخائر المحتوية على مادة اليورانيوم المنضّب، والذي تصدر عنه إشعاعات نووية، تسببت في حدوث العديد من حالات موت الأجِنّة، وهو ما وثقته بعض المنظمات الطبية غير الحكومية العاملة في اليمن.
ومن ناحية إسقاط الأجنة فالسبب الرئيسي لحدوثه هو غارات العدوان، فبمجرد نزول الصواريخ، تتوافد الإسعافات إلى المستشفى بالنساء الحوامل ويجهضن، و قصص الضحايا من الأجنة في أحد مستشفيات صنعاء كثيرة، حالهم حال الملايين الذين يرزحون تحت وطأة المعاناة بمختلف نواحي الحياة الإنسانية والمادية والصحية على وجه خاص.
وفي الوقت الذي تركز فيه التناولات الإعلامية المباشرة على الموقع الذي تعرض للقصف من قبل طائرات دول الذي تحالف العدوان، عادة ما يتم إغفال الضحايا غير المباشرين، فصوت الصاروخ وانفجاره المباغت، يصيب مئات الأسر بصدمة مفاجئة، مما يسقط ضحايا غير مباشرين، ومن بينهم الأمهات اللاتي يحملن أجيال المستقبل في أرحامهن.
وبحسب تقصيات في أكثر من حالة ومستشفى عن تأثر الأم الحامل وجنينها نتيجة الحرب ،توضح أخصائية النساء والتوليد في مستشفى السبعين للأمومة والطفولة، الدكتورة نورا الشيخ أن “الحرب أثرت كثيراً على الأم الحامل، وأولى تلك التأثيرات الزيادة العالية بنسبة “الإجهاض” لدى الحوامل، وتضيف “بمجرد أن تسقط الصواريخ تأتي الحالات إلينا وتجهض، ويزيد ذلك في الساعات التي تلي القصف بأي منطقة”.
وفي أكثر من مستشفى لا يعطي الأطباء والمختصون أرقاماً دقيقة حول الآثار المفزعة للحرب على الأم وجنينها، لكنهم يكتفون بالتأكيد على أن نسبتها كبيرة، وتقدر الدكتورة نورا الشيخ الأخصائية في مستشفى السبعين، زيادة نسبة الإجهاض بنحو 30%، ومثلها حالات الولادة المبكرة، التي ارتفعت هي الأخرى إلى حد كبير، وتتفق معها طبيبات في المستشفى، وصولاً إلى نسبة حالات التشوه من المواليد.
ومن بين حالات كثيرة، تقول هناء (30 عاماً)، إن طفلها المشوه هو حملها الثالث، حملت به أثناء الحرب، وكانت تراجع الدكتور والمختص برعاية الحوامل في مستشفى الزهراوي، وعند استخدامها للأشعة أبلغتها الطبيبة أن الطفل الذي تحمله مشوه، وأن له رأسين “ولازم ينزل”،
لكنها أصرت على بقائه ولم تثق بكلام الطبيبة، فيما كانت بطنها ثقيلة جداً، ووقت الولادة كان الطفل فعلاً مشوهاً، وكان التشوه في الرأس.
من جانبها، آية (19 عاماً) تقول إنها كانت حاملاً بحملها الأول، وعند مراجعتها لطبيب أخصائي نساء وولادة أكد لها أن الطفل مشوه، فقررت أن تنزل الجنين، وخضعت لعملية لإنزاله، وبعد إنزال الجنين وبعد إجراء العملية بيومين أكد لها الدكتور أن الرحم تأثر بسبب المواد الكيميائية الناتجة عن القصف، ما اضطرها لإجراء عملية أخرى لإزالة الرحم. وتقول بحرقة، إنها “لم تعد تستطيع أن تصبح أماً بسبب قصف دول تحالف العدوان لليمن وإنها لن تسامح العدوان الذي حرمها من حق الأمومة والإحساس بشعور الأمومة ومن أن يكون لها طفل يكبر أمام عينها”.
وفي السياق، تقول أخصائية نساء وتوليد، الدكتورة يسرى مريط، إن “من المشاهدات التي لاحظتها في مستشفيات النساء والولادة أن هناك عدداً كبيراً من الأطفال المشوهين، بعضهم في الوجه أو الرأس أو الظهر أو القدمين، والبعض الآخر مشوّهٌ بعلامات في الجسم، مما يعكس زيادة عدد الأجنة والأطفال غير الطبيعيين والمشوهين” وترى أن ذلك ازداد بنحو 30% منذ بدء العدوان، إشارة لتاريخ بدء عمليات “التحالف” بقيادة السعودية في اليمن.
وتشير الدكتورة يسرى مريط إلى أن “أكثر التشوهات في المناطق التي تتعرض لقصف مكثف أو بصورة متكررة”، وتضيف “أن تشوه الأجنة ازداد لدى النساء في محافظة عمران (شمال صنعاء) لأن هناك مصنع الأسمنت وكان القصف مكثفاً على المصنع (منذ بداية الحرب)”، وتشير إلى أن “وجود المصنع في منطقة سكانية خطأ في الأصل، لكن القصف رفع من التأثير على الأمهات والأجنة بشكل ملحوظ”.
وتتفق الأخصائية في مستشفى السبعين، نورا الشيخ، مع رواية يسرى مريط، بالتركيز على ارتفاع حالات تشوه الأجنة في عمران، وتضيف إليها محافظة المحويت، حيث لُوحظ من الأطباء ارتفاع نسبة حالات تشوه الأجنة في هاتين المحافظتين، ومناطق ريفية أخرى بمحيط صنعاء.
وتوضح الدكتورة يسرى مريط أن هناك نوعين من التشوه: العادي، وهو عبارة عن بقع تظهر في جسم الطفل ويمكن معالجتها، أما غير العادي، فتقول إنه مع القصف “ازداد تشوه الشفة الأرنبية وازداد تشوه الأطفال، مثلاً جنين رأسه كبير فيموت فور الولادة”، حيث أن الأغلبية يموتون، وتقول “نحن الآن في حالة طارئة مع القصف في الأيام هذه والشظايا الناتجة عن الانفجارات تكون محملة بكتيريا وفيروسات تنتشر بشكل كبير، ليس فقط القصف بالصواريخ، بل إن هناك فيروسات وميكروبات ونحن كأطباء لاحظنا زيادة الأمراض كتشوه الأجنة وظهور أمراض تصاعدت مؤخراً، كالكوليرا، وظهور حالات كانت اليمن بدأت التخلص منها، كالشلل الرئوي والسل الرئوي”.